أتمنى أن يحاول معالي وزير التعليم العالي أخذ 10 دقائق خارج برنامجه ويقرأ قليلا عن "ماو تسي تونغ" وكيف دمر الزراعة و الصناعة والاقتصاد الصيني عندما وجد نفسه مضطرا أن يقفز بالأمة الصينية "القفزة العظيمة" وهو لا يملك أدنى فكرة كيف سيقفز و إلى أين سيقفز، بل ولم يستشر وقتها أحدا من أصحاب الاختصاص. اعتبر تونغ، وقتها، أن جميع من خالفوه ممن صرخوا أن ما يحث خطأ وأن التطور المطلوب لا يتم بصورة سليمة، هم مناهضين للنهضة و و و و و ....
لسبب ما نحن نعيد نفس التجربة الصينية. فاليوم هدف جميع هو التعليم الإلكتروني و التعلم عن بعد، لكن كامل الآليات تسير وبقوة في الاتجاه الخطأ. ومع تقديري واحترامي، فلا معالي الوزير ولا أعضاء مجلس التعليم العالي يملكون أدنى خبرة أو أية تجربة عن التعليم الإلكتروني، ورغم ذلك زجوا بأنفسهم فوق مجالس العمداء في الجامعات وضغطوا لسحب صلاحيات مجالس الجامعات وألفوا نظريات لا معنى لها عن "العدل" بين الجامعات من خلال توحيد حجم القميص الذي ستلبسه، و حشروا الجميع في زاوية ضيقة جدا الخروج منها أصعب من الدخول إليها.
الجميع يصرخ ولكن لا أحد يسمع. الوقت يمر، وعبارات مثل " لم يتبق وقت وهذا أفضل ما هو موجود" أصبحت هي الطاغية. نظام التقيم الأكاديمي في جامعاتنا في طريقه للتدمير؛ الطلبة يتسألون هل سيعاقب من درس و امتحن و أخطئ و يكافئ من لم يدرس وغش يوم الأمتحان، هل سيفقد أحدهم منحته لأنه قرر أن يدرس، ويأخذها أخر لم يفتح الكتاب إلا وقت الأمتحان لينقل منه الإجابة. بدورها، الهيئات التدريسية بمعظمها منهكة، الكثير منهم يعمل يوميا حتى الفجر؛ هل سيتم إلقاء كامل تعبهم وجهدهم في القمامة.
الأهم، هل سيترك اتخاذ القرار للجهة التي وضعت الجميع في هذا الموقف ولم تملك الرؤية أو الرغبة بسماع أية اقتراحات أخرى خارج ما كان يجول في خاطرها.
في الصين، و بعد تدمير كامل المساحات الزراعية وفشل مصانع الصلب البدائية ووفاة عشرات الملايين من الشعب، تم، و بكل بساطة، توجيه أصابع اللوم إلى المجالس المحلية بتهمة تضليل القيادة بمعلومات خطأ عن مدى نجاح القفزة العظيمة في مناطقهم، وانتقل بعدها ماو إلى الثورة الثقافية في عام 1966.
إذا قررنا مواجهة المشكلة وكان هنالك توجه لعدم النفخ في رماد نجاح كاذب، سيقفز فور سؤال مهم جدا.....
السؤال بصيغة طويلة: هل سيحدث أمرا مشابها لما حدث في الصين ونلوم الجامعات و"مدراؤها" على المخرجات، أم سيتحمل معالي الوزير وزر ما جنت يداه ويقدم استقالته؟
السؤال بصيغة مختصرة: هل نحن أمام توق أم تونغ؟
تعليقات
إرسال تعليق