يَا حَادِيَ العِيس

عبد الحميد الخلف الإبراهيم

الرقة - حمام التركمان 

(1)

يا حَادِيَ العِيسِ عُجْ بالعيسِ صَـــوْبَ العين

واروِ العَطَاشَــــى قُبَـــــيْلَ البَيْنِ مَاءَ الْعَــــيْن

وَخُــذْ فُـؤَادِيَ مِنْ صَــــدْرِي وَخُــــذْ ضِلْعَيْن

لِرَاحلٍ لَـمْ يُـغَـــــادِرْ مَـــدْمَـــــعَ الْعَـيْــنَـــــيْن              

(2)

يا حاديَ العِيسِ قُلْ لي: أين تمضي؟ أيْـن؟

أَمَـــا أَصَـــــابَكَ مِــنْ هَـذَا الـتَّـنَـــــائِي أَيْـن! 

رُحْمَاكِ يَــا عِيسُ، عيسَ البَـــــيْنِ لا تـنْـــأيْـن

رِفْـــــقـاً بِـقَـلْــبٍ جَــوَاهُ جَـــرَّحَ الْخَــــدّيـــن

(3) 

يا حاديَ العِيسِ ليت الصَّدْرَ ذو قَلْبَـيْـن! 

أَحْـيَــــا بِـقَـلْـبٍ وأُعـطـي وَاحِــداً لِلْـبَـــــين

أَوْ لَـيْـتَ قَـلْـبِيَ مَشْطُورٌ بِـصَدْرِي بَـــــين

شَـوْقٍ مَـرِيـرٍ وَجْـسمٍ ذَابَ فِـي نَــارَيْــــن

 (4)

يَا حَادِيَ العِيـسِ كَم تَـحْدُو وَكَـمْ تسـعى!

ألَيْسَ للعيسِ عَـنْ هَـذَا النَّـوى مَسْـعى؟

أَوْشَكْتُ أَذْوِي وَمَـازَالَ الْـهَـوَى يَـسـعى

نَـاراً بِـقَـلْـبِي وَدَمْعـاً أَحْرَقَ الْـجَـفْـنَـــــيْن

(5)

يا حاديَ العِـيـسِ من أعطاك هذا الحقّ

تَـحْـدُو وَدَأْبُ قِـطَـارِ الْعِيسِ أَنْ يَـلْـحَق

وَالْقَـلْبُ فِي الإثْـــر صَارَ الثَّالِثَ الْمُلْحَق

ثُلْثَـــــاهُ فِي رَكْـبِـكُـمْ وَاضَـيْـــــعَــةَ الثُّلْثَيْن

(6)   

يا حاديَ الْعِيسِ رِفْقـــــاً بِـي أَلَا تَــــرْعَـى؟

صَبّـــــاً غدا لرِمَـايَـــــاتِ الرَّدَى مَـــــرْعى!

قد باتَ لَيْـل السُّرى بَـــدْرَ الدُّجى يَـــرْعى

فَــلَا يَــرَى فِــيــهِ إلا ثَـــــانِــيَ الْـبَــدْرَيـــن!

(7)

يَا حَادِيَ العِيسِ عَطْشَى عِيسُكُمْ جَوْعَــى

إِلَى وَدَاعٍ وَأَنْـــــتُمْ بِــــــالـنَّــــوَى أَوْعَـــــى

جَمَعْتُ صبريَ فِي صَـدْرِي فَـمَا أَوْعَــــــى

مِنْ بَعْدِكُمْ، هَلْ لَكُمْ فِـي أَدْمُعِي مِنْ دَيْـن!

(8)

يَا حَادِيَ العيسِ قَدْ أضْنَـيْــتَـني مَهْـــــلَك

تَـركْـــــتُ أَهْـلِـي وَإِنِّــي طَـالِبٌ أهْـــــلَك

أَنْـتُـمْ مُــنَـــــايَ وَإِنْ لَـمْ أَلْـقَـكُـمْ أهْـــــلَك

رِقُّوا لِـمَـنْ فِي هَوَاكُـمْ ضَيَّـــــعَ الدَّرْبَـــــيْن

(9)

يَا حَادِيَ الْعِـيسِ مَـنْ يَـا صَــــاحِبِـي دَلَّـك

أَنَّــي إِذَا هَـاجَ شَــــــوْقِــي أرْتَـضِــي دَلَّـك

أَوْ شَــقَّ آسٍ شَــــغَـافَ الْـقَـلْبِ أَوْ دَلَّـك

مَـا كَانَ يَـشْـفِـيـهِ مِنْ صَــــدْعٍ غَداةَ الْبَيْن!

(10)

يا حَادِيَ العِيسِ لو مَنْ عَـــــلّني عَـــــلَّكْ

وَمَنْ نَـهَلْـتُ الْجَوَى مِنْ بُـــــعْدِهِ عَـــــلَّكْ

لشُمْتَ خُـلَّـبَ بَـــــرْقٍ بَـعْـــــدَهُ عَـــــلَّكْ

تَحْظَى بِـقَـطْرِ النَّدَى يَا صَاحِبِي مِنْ مَيْن!

(11)

يَا حَادِيَ العِيـــــسِ ليْــت العِيسَ تَلْقَـانِي

يَسِـــــيلُ  مِن بَـيْن جَنْـــــبَيَّ الدَّمُ القَـانِي

فَــوْقَ الـثَّرَى حَـيْـثُ ريْـبُ الدَّهْرِ أَلْقَـانِي

مُـجَــــنْـدَلاً شُـــقَّ قَـلْـبي إثْـرَكُـمْ نِـصْـفَـيْن

(12)

يا حَادِيَ العيـــــسِ جُزْ بالْمُـتْـعَبِ الْوَانِي

وَقِـفْ عَـــــلَـيَّ فَـقَـدْ غَـــــيَّرْتَ أَلْـــــوَانِي

وَلَا سَـبِـيــلَ إِلَـى صَـــــبْرِي وَسُـــــلْـوَانِي

خُـذْنِـي إِلَـيْــــك فـقد جَـرَّعْـتَـني الْمُـرَّيْــن

(13)

يا حَادِيَ الْعِيسِ مَاذَا عَنْـــــكَ ألْهَـــــانِي

وَلَسْـتُ بَعْدَ رَحِيـــــلِ الْعِيسِ بِالْهَـــــانِي

أَمَا لَدَيْكَ صَـــــدَى ذِكْــــــرَى لِوَلْــــهَانِ

قَدْ شَفَّهُ حُبُّــــكُـمْ حَتَّى اسْتَطَابَ الْحَيْن

(14)

يَا حَادِيَ الْعِـيـسِ لَمْ يَـسْقُـطْ دَمِي سَهْـوَا

كَـمْ كُـنْـت ألْــقَـاكُـمُ عَـمْــــداً وَكَـمْ أهْـــوَى

أَنِّي لَـقِـيـتُ إِلَـى قَـطْـرِ الـنّـــــدَى مَـهْـوى

لَا فَــــرَّقَ اللهُ فِـي درب الـهَـوى نِـــــدّين

(15) 

يا حَادِيَ العيس عُدْ بِالْعِيسِ صَوْبَ الْحَيّ

أَنِــخْ بِـأرضِ الْـحِـمَـى يَـوْمـــــاً حَماكَ الحيّ

وَسَـــلْ: أَذَاكَ الْـمُــعَــنّى مَـيّـــــــتٌ أم حَيّ

أَمْ لَيْسَ يُـرْجَى وَلَا يُـنْـعَى كَذِي الْحَالَــيْن

(16)

يَا حَادِيَ الْعِيـــــسِ عَـنّــــاني الـظَّـما وَالـطَّـيّ

وَمَا بِـقَلْــبِــي سِــــــواكُـمْ وَالْأَسَــى مِنْ طَـيّ

كَـفَـــــاكَ تُـمْـعِـنُ فِـي نَـهْـبِ الْـفَـلَا وَالـطَّـيّ

قَدْ طَالَ لَيْـــــلُ الـنَّـوَى حَتَّـى غَـدَا لَيْلَـيْن!

(17)

يَا حَادِيَ الْعِيسِ هَلْ بَعْدَ الرَّدَى مِنْ شَيّ؟

كَــوَى الْـفِـرَاقُ ضُـــــلُـوعِـي وَابْـتَدَا بِالشَّيّ

كَتَمْتُ جُرْحَ النَّــوَى يَـا صَاحِ فِـي رِمْـشَيّ

فَـانْـهَلَّ يَـجْـرِي دَماً مِنْ ذَيْـنِكَ الرِّمْــشَـيْن

                                     21/8/1987