احداث ‏هبة ‏نيسان ‏1989

الاحداث

بدأت صباح يوم الثلاثاء الموافق 18 نيسان في مدينة معان، عندما قام خمسة عشر سائقا من اصحاب السيارات العمومية واصحاب مكاتب سيارات الاجرة بالتعبير عن سخطهم على الارتفاع الجديد والكبير في أسعار المحروقات، واخذوا يدعون الناس للتضامن معهم، وسعوا للقاء محافظ معان، ولكن بسرعة التف حولهم آلاف المواطنين، وراحوا يهتفون ضد السياسات الحكومية، [4] وخرج الطلاب من مدارسهم.تصدت قوات الأمن للمتظاهرين بعد هاجموا مديرية الشرطة، ومحاولة اقتحام مبنى المحافظة، وقام الأمير الحسن في نفس اليوم بزيارة المدينة لاحتواء الانتفاضة من دون ان يعرب عن نية الحكومة التراجع عن قراراتها والاستجابة لمطالب المتظاهرين. وبعد الافطار - شهر رمضان- استأنف المتظاهرون تحركاتهم، وامتدت الاحتجاجات إلى مدن وقرى محافظة معان، كالشوبك، وادي موسى، الحسينية، النقب، الجفر، وإلى مدينة الطفيلة وقراها، التي شهدت مواجهات عنيفة بين المواطنين وقوات الأمن، ادت مواجهات الطفيلة إلى مقتل أحد المتظاهرين واعتقال العشرات منهم.[5]

وفي اليوم الثاني الأربعاء 19/4/1989 استمرت المظاهرات في معان، الحسا، الجفر، البتراء، القويرة، والطفيلة وقراها، وامتدت إلى مدينة الكرك وقراها، خاصة بلدة المزار، القصر، غور الصافي، فقوع، الربة، والجديدة، إضافة إلى خروج طلاب الجامعة الاردنية واليرموك والعلوم والتكنولوجيا بمظاهرات صاخبة.

قدم المتظاهرون في الكرك عريضة موقعة من ثلاثمائة شخصية في المحافظة، بينهم نائب الكرك في البرلمان د. رياض النوايسة، ورئيس المدينة د. عبد الله الضمور، طالبوا فيها بتخفيض الاسعار ووضع حل مناسب للأزمة الاقتصادية بما ياتناسب مع مصالح الفئات الشعبية، وتشكيل حكومة منبثقة عن انتخابات نيابية نزيهة، ومحاسبة المقصرين في الاجهزة الحكومية واعادة الاموال العامة التي نهبها كبار المسؤولين، وتحويل قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية إلى سياسة ثابتة على قاعدة التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني.[4] فشددت الحكومة من حملاتها ضد المواطنين، وتسببت في مقتل عدد من الناس، وقامت باعتقال أكثر من ثلاثمائة مواطن في محافظة الكرك، وفي نفس اليوم الأربعاء اندلعت مظاهرات طلابية حاشدة في الجامعات الأردنية واليرموك والعلوم والتكنولوجيا، داخل حرم الجامعات، طالب فيها المتظاهرون بالاستجابة لمطالب التحرك الشعبي في المدن والقرى، ونددوا بسياسات الحكومة، ولكن قوبلت الاحتجاجات الطلابية بالقمع والملاحظات والاعتقالات.[5]

وفي اليوم الثالث الخميس الموافق 20 ابريل نيسان 1989 استمرت المظاهرات واعمال الاحتجاج الشعبي في الكرك والطفيلة ومعان وقراها، وامتدت الفعاليات إلى مدينة مادبا وقراها، خاصة ذيبان، وماعين، ومن ثم امتدت المظاهرات إلى مدينة السلط، والجامعات الثلاث، واعتقلت السلطات في هذا اليوم عددا كبيرا من أبناء الكرك، والسلط، والطفيلة، ومعان، ومادبا وطلبة من الجامعات.

وفي اليوم الرابع الجمعة 21 أبريل 1989 استمرت المظاهرات في مدن وقرى الجنوب، واشتدت بشكل واضح في مدينة السلط وبلدات الفحيص، ماحص، ناعور، بيادر وادي السير، عين الباشا وقرى العدوان وحي الطفايلة وحي المعانية في عمان، وامتدت لاحقا إلى مدينة عجلون وإلى الطيبة وايدون، وكفر اسد في الشمال، وإلى عدد من المناطق التي تسكنها عشائر بني حسن في المفرق والزرقاء. وسقط العديد من الجرحى في مدينة السلط، وتم اعتقال اعداد كبيرة من مواطني المدينة وبلدات الفحيص وماحص وناعور وعين الباشا.[5]

وفي اليوم الخامس السبت 22 نيسان 1989 اشتدت المظاهرات في مدينة السلط، وامتدت حركة الاحتجاج إلى قرى مدينة اربد، حوشا، الطيبة والزمال، ونفذت السلطات حملة اعتقالات واسعة في هذه البلدات، وشددت من حصارها في مدينة اربد والرمثا وجرش وفرضت نطاقا من الحواجز والمدرعات حولها، كما شهدت بعض أحياء عمان والجامعة الأردنية مسيرات احتجاج كرر المتظاهرون فيها مطالب الناس، وعبرت عن اصرارها وتمسكها بهذه المطالب، فيما واصلت السلطات عمليات الاعتقالات في عمان، مادبا، اربد والرمثا، وكان ابرز احداث هذا اليوم العريضة التي رفعتها عشر نقابات مهنية من اصل إحدى عشرة نقابة مهنية، هي نقابات المهندسين والمهندسين الزراعيين واطباء الاسنان والاطباء، الاطباء البيطريين، الممرضين، المحامين، الجيولوجيين، الصحافيين، والصيادلة، وكان من ابرز ما جاء في العريضة «ان المظاهرات التي اندلعت تعكس احتجاج الشعب على ظلم واستهتار حكومة كان امل الشعب ان تُستبدل منذ مدة، وتحل محلها حكومة تنبع من احاسيس قريبة من حياة الشعب ومشاكله وتتمتع بمصداقية وطنية.. الخ»، كما طالبت العريضة بمحاسبة الفاسدين والمفسدين لردع كل من تسول له نفسه التلاعب بمقدرات الوطن، وإناطة ذلك بحكومة ائتلاف وطنية قوية أمينة يراقبها برلمان منتخب بنزاهة.[4]

وفي اليومين السادس والسابع الاحد والاثنين 23 و 24 أبريل 1989 استمر التوتر مخيما على المدن والقرى خلال اليومين بانتظار مدى استعداد الحكومة للاستجابة لمطالب الشعب، بانتهاج سياسات اقتصادية تستجيب لمصالح اوسع الفئات الشعبية وتشكيل حكومة وطنية منبثقة عن انتخابات نيابية حرة ونزيهة، فيما واصلت السلطات حملات الاعتقال.[5] وعلى اثر ذلك تقدمت حكومة زيد الرفاعي الرابعة استقالتها

وفي تلك الفترة كان الملك الحسين بن طلال في زيارة إلى الولايات المتحدة الاميركية بدعوة رسمية من الرئيس جورج بوش عندما بلغته انباء الاضطرابات فقرر قطع زيارته والعودة للمملكة في 23 نيسان، وكان واضحا ان تغييرات جوهرية ستحدث، فالاحداث كانت أكبر من ان يمر عليها رجل دولة مخضرم كالحسين طيب الله ثراه من دون اتخاذ اجراءات وقرارات مصيرية . وعلى اثر ذلك تقدمت حكومة زيد الرفاعي استقالتها في 24 ابريل وتم تكليف الشريف زيد بن شاكر بتشكيل الحكومة في 27 ابريل 1989 حيث امرت الحكومة الجديدة على الفور باطلاق سراح المعتقلين في الاضطرابات الاخيرة . ووجه الحسين خطابا إلى الشعب الأردني، عبر شاشة التلفزيون مساء يوم الأربعاء في 26 أبريل ، كان أهم ما فيه ان النية تتجه بسرعة لاجراء انتخابات نيابية، وان النية تتجه لمراجعة ما حدث اسبابا ومسببات لاستخلاص النتائج والعبر.وأدان الملك أيضا التخريب والحرق والتدمير والقتل، وأشار إلى الضائقة التي يعيشها الأردن وقال أنها ليست وليدة الصدفة أو انعكاسا لتوجه وطني معين، وأضاف[4][5]

«نعم، ربما وقع خطأ هنا، أو خطأ هناك نتيجة اجتهاد هذا المسؤول أو ذاك، لكن المدقق المنصف في هذه الأخطاء لا يمكن ان يرى فيها الا عوامل هامشية إذا ما قورنت بحجم الضائقة التي نحن بصددها».

وقد استقبل الأردنيون خطاب الحسين واقالة حكومة الرفاعي وتكليف الشريف زيد، والحديث عن انتخابات نيابية بارتياح، فمن دون ذلك ما كان للمتغيرات اللاحقة ان تأتي، خاصة المتعلقة بالانتخابات النيابية عام 1989 وقانون الأحزاب.

تعليقات