بقلم ناجح ناجي حسن - من وحي الخيال
في مذكراتي كنائب سابق، أعترف بأن الفوز في الانتخابات لم يكن يتم بالطرق النزيهة التي يتوقعها البعض. كنت أعتمد على طرق ملتوية وخفية لشراء الأصوات دون ترك أي دليل قد يُدينني. كان المال الأسود هو السلاح الأساسي في تلك المعركة، ولكنني كنت حريصًا على ألا أترك أي أثر يدل على تورطي فيه.
أحد أهم الأساليب التي كنت أعتمد عليها هو استخدام المندوبين المحليين، وهم أبناء المدن والقرى الذين لديهم معرفة عميقة بالناس والبيئة المحيطة. هؤلاء المندوبون كانوا الوسيط المثالي بيني وبين الناخبين. كانوا يعرفون من يحتاج إلى المال، ومن يمكن استمالته بالوعود الكاذبة. أرسلتهم إلى تلك المناطق مع توجيهات واضحة: لا تتركوا أثرًا، ولا تتحدثوا عن المال بشكل مباشر.
كانت العملية تسير بدقة وهدوء. المندوبون كانوا يتواصلون مع العائلات والأفراد بشكل شخصي، ويقدمون لهم الدعم المالي تحت غطاء المساعدة الاجتماعية أو الهدايا الرمزية. يتم تمرير الأموال بشكل سري للغاية، ويتم توزيعها في الخفاء بعيدًا عن الأعين. كل شيء كان محسوبًا، بحيث لا يمكن لأحد أن يربط بيني وبين تلك المعاملات.
أحيانًا كنت أستغل المناسبات الاجتماعية، مثل الأعراس أو الجنازات، لتقديم المساعدات المالية. الناس في تلك اللحظات كانوا بحاجة إلى المال، وكنت أظهر بمظهر الشخص الكريم الذي يهتم بمصالحهم. ولكن في الحقيقة، كانت تلك الأموال تُدفع لشراء ولائهم وأصواتهم في الانتخابات.
ما كان يُميز أسلوبي هو أنني لم أتعامل مباشرة مع المال، بل كان كل شيء يتم من خلال المندوبين، وبذلك كنت أحمي نفسي من أي اتهام قانوني. كنت أعلم أن التعامل بالمال الأسود جريمة، ولكنني كنت واثقًا من أنني لن أُمسك، لأنني كنت أتحكم في اللعبة من خلف الستار.
هكذا، تمكنت من الفوز بالمقاعد الانتخابية دون أن يملك أحد دليلًا ضدي. لقد كانت لعبة قذرة، ولكنني كنت لاعبًا بارعًا فيها.
تعليقات
إرسال تعليق